الرئيسية ← الأخبـــــــار ← أمن الطاقة ← جدل “التمويل” و”النفط” و”الكربون” على مائدة السجالات بقمة المناخ في دبي
“التمويل” و”النفط” و”الكربون”، ثلاثة عناصر أساسية لا يخلو ذكرها من الجدل على طاولة أي قمة عالمية، لا سيما قمة المناخ (COP28) التي تُعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة وتستمر فعالياتها حتى الثاني عشر من ديسمبر الجاري.
وفي وقت تستمر فيه درجات الحرارة العالمية وانبعاثات الغازات الدفيئة في تحطيم الأرقام القياسية دون استثناء أي منطقة، ودون أن تكون أي قارة بمنأى عن الظواهر الجوية المتطرفة، تأتي قمة المناخ التي يرى فيها عدد من الخبراء والمتابعين أنها فرصة حقيقية لإدارة نقاشات جادة حول الأزمات.
ترى شبكة “سي إن بي سي” أن تمويل العمل المناخي دائمًا ما يشعل المناقشات الساخنة في مؤتمرات الأمم المتحدة؛ حيث تُعد التمويلات أمرًا بالغ الأهمية لدعم التخفيضات الطموحة في الانبعاثات والتعديلات الحيوية لواقع تغير المناخ.
ووصلت المحادثات التي جرت في بون بألمانيا في وقت سابق من هذا العام إلى طريق مسدود بشأن قضية التمويل والدعم، في ظل رفض بعض البلدان ذات الدخل المنخفض الحديث عن خفض الانبعاثات ما لم يكن هناك تركيز متساوٍ على كيفية توفير الدول الغنية للنقود لها.
ومع ذلك، فحسب “سي إن بي سي” أظهرت البيانات التي نشرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في منتصف نوفمبر الماضي أن الدول الغنية أوفت أخيرًا بوعدها بتقديم 100 مليار دولار سنويًّا للدول منخفضة الدخل، ولو بعد مرور عامين على الموعد النهائي. ومن المأمول أن يساهم هذا الأمر إلى حد ما في تعزيز حسن النية في القمة.
وقال أليكس سكوت- رئيس البرنامج في E3G، وهي مؤسسة بحثية مستقلة عن المناخ في تصريحات لـ”سي إن بي سي”- إن COP28 يقع على عاتقها تحديد الاتجاه السياسي الطموح بالنسبة للمناخ، مشيرًا إلى أن قضية تغير المناخ أمر بالغ الأهمية، ولكن بدون التمويل والثقة الاقتصادية لن تتمكن البلدان من التصرف بالوتيرة والنطاق المطلوبين.
كذلك تشير شبكة “سي إن بي سي” إلى أن هناك قضية مالية رئيسية أخرى تتمثل في تفعيل صندوق “الخسائر والأضرار”، والذي يمكن القول إنه أحد المُخرجات الرئيسية لقمة COP27 التي عقدت العام الماضي في مصر.
فالبلدان الغنية- على الرغم من أنها مسؤولة عن الجزء الأكبر من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي- عارضت منذ فترة طويلة إنشاء صندوق لتعويض البلدان منخفضة الدخل عن الخسائر والأضرار التي تسببت فيها.
ومع ذلك، يرى المؤيدون أنه من المطلوب مراعاة التأثيرات المناخية، بما في ذلك الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات أو التأثيرات بطيئة الظهور مثل ارتفاع منسوب مياه البحر، والتي لا تستطيع البلدان الدفاع عنها حيث إنها مخاطر لا يمكن تجنبها، أو أن البلدان لا تستطيع تحملها.
وكان يُنظر إلى إنشاء صندوق الخسائر والأضرار في مؤتمر الأمم المتحدة المَعْنِيِّ بتغير المناخ (COP27) على أنه نقطة تحول تاريخية محتملة في أزمة المناخ، إلا أن العديد من التفاصيل الرئيسية تُركت دون حل، مثل حجم السداد وإدارة الأموال.
تقول مديرة برنامج المناخ العالمي في معهد الموارد العالمية، ميلاني روبنسون، لشبكة “سي إن بي سي”، إن قمة المناخ ستكون أكبر فرصة للمساءلة عن العمل المناخي في التاريخ، مع وضع الوقود الأحفوري في قلب المناقشات.
وتتوقع روبنسون عدة مناقشات رئيسية حول استخدام النفط والغاز والفحم، الذي يُعتبر محركًا رئيسيًّا لأزمة المناخ مثل النقاش حول “التخلص التدريجي” أو “التخفيض التدريجي” للوقود الأحفوري؛ حيث يرى معهد الموارد العالمية أنه من الأهمية أن ترسل المناقشات رسالة قوية بأن العالم ينتقل بسرعة بعيدًا عن الاعتماد الكامل على الوقود الأحفوري.
النقطة الثانية، التي ترى روبنسون أنها ستكون محل نقاش، تتعلق بشكل العمل على تلك التخفيضات التدريجية، فهناك جدل حول دور تكنولوجيا احتجاز الكربون في تقليل الانبعاثات، لكن هناك شركات نفط وغاز تحاول التأكيد على أنه من الممكن مواصلة استخدام الوقود الأحفوري وتحقيق الأهداف المناخية من خلال احتجاز وتخزين الكربون.. وتجادل روبنسون في ذلك بالقول إن الأدلة العلمية تظهر بوضوح أن هذا الاتجاه غير مستدام، ولا يوجد سيناريو مقبول يسمح بالاستمرار في استخدام الوقود الأحفوري مع احتجاز وتخزين الكربون، وهذا ينطبق أيضًا على توسيع صناعات النفط والغاز؛ لذا يجب على مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين الاعتراف بالدور المحدود الذي ستلعبه تكنولوجيا احتجاز وتخزين الكربون.
تصحيح المسار:
أحد العناصر الفريدة لمحادثات المناخ في دبي هو اختتام أول تقييم عالمي منذ اتفاق باريس التاريخي والذي تم توقيعه عام 2015 بهدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وخفض 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت) فوق مستويات ما قبل الصناعة.
ويقول العلماء إن درجة حرارة العالم ارتفعت بالفعل بنحو 1.1 درجة مئوية، بعد أكثر من قرن من حرق الوقود الأحفوري، فضلًا عن الاستخدام غير المتكافئ وغير المستدام للطاقة والأراضي، والواقع أن هذه الزيادة في درجات الحرارة هي التي تغذي سلسلة من الظواهر الجوية المتطرفة في مختلف أنحاء العالم.
إن عملية التقييم هي الأداة الرئيسية التي يتم من خلالها تقييم التقدم المحرز بموجب اتفاق باريس، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة التجميعي للتقييم العالمي الذي صدر في أوائل سبتمبر؛ لذلك فمن المرجح أن يكون التغيير التحويلي كافيًا لإعادة العالم إلى المسار الصحيح لتحقيق أهدافه المناخية.