الرئيسية ← الأخبـــــــار ← طاقة نووية ← هل تصبح “الصين” من الأقوى عالميًّا في الطاقة النووية؟
أدت الأزمة العالمية الحالية في الطاقة بسبب الصراع الروسي لأوكرانيا إلى توجه اهتمام دول العالم إلى مصادر الطاقة البديلة وعلى رأسها الطاقة النووية.
كما أن عزوف بعض الدول عن استخدام الطاقة النووية والتخلص التدريجي من مشاريعها النووية يحول دون تحقيقها التحول السريع في مجال الطاقة النووية.
وفي ظل هذه التغيرات ظهرت الصين – صاحبة أكبر اقتصاد في العالم – كمهيمنة على الطاقة العالمية؛ حيث نجحت في تخطي عدد من الدول التي كانت متصدرة السوق العالمية في أوروبا وأمريكا الشمالية، من حيث عدد مفاعلاتها النووية وسياستها للطاقة النظيفة، وتحتل الصين المرتبة الثانية من حيث امتلاك أكبر عدد من وحدات توليد الكهرباء من الطاقة النووية التي هي إما قيد التشغيل أو تحت البناء.
ووفقًا لتقرير الوكالة للطاقة الذرية فإنه يوجد حاليًّا نحو 21 مفاعلًا نوويًّا تحت الإنشاء في الصين والتي تستهدف توليد ما يعادل 21.61 جيجاوات في الساعة.
بينما تحتل الهند المرتبة الثانية في عدد المفاعلات النووية تحت الإنشاء؛ إذ يصل عددها إلى ثمانية مفاعلات نووية، ثم تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الأخيرة من حيث عدد بناء المفاعلات النووية؛ فهي ليس لديها سوى مفاعل واحد تحت الإنشاء بقدرة إنتاجية واحد جيجاوات في الساعة.
ويقول أستاذ العلوم والهندسة “جاكوبو بونغيورنو”:”إن الصين فى الوقت الحالي وبصورة عملية هي الرائدة في العالم بالنسبة إلى التكنولوجيا النووية؛ مما يدفع ذلك الأمريكيين إلى محاولة اللحاق بها في مسار بناء المفاعلات النووية وتطوير تكنولوجيا الطاقة النووية بعدما فقدت الولايات المتحدة ريادتها السابقة في هذا المجال”.
ونجد أن الولايات المتحدة تحرز تقدمًا بالنسبة لعدد المفاعلات النووية العاملة في محطات الطاقة والتي وصل عددها إلى 93 مفاعلاً بقدرة إنتاجية تصل إلى 95 جيجاوات في الساعة، أما بكين فتأتي في المرتبة الثالثة في عدد المفاعلات النووية العاملة التي وصلت إلى 55 مفاعلاً، والتي تنتج 53 جيجاوات في الساعة من الكهرباء بحسب تقرير نشرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
بدأت الصين في بناء مفاعلاتها النووية مع التحول الاقتصادي الذي حققته في ثمانينيات القرن الماضي، في الوقت الذي بدأت الولايات المتحدة التراجع عن بناء مفاعلاتها النووية مع افتقاد هيمنتها في مجال الطاقة النووية، ومن تلك النقطة عزمت الصين على دخول سباق المفاعلات النووية عالميًّا ببناء أكبر عدد من المفاعلات، وتوضح بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية “أن إنتاج الطاقة في الصين زاد بقدر هائل مع توسع النشاط الاقتصادي فيها”؛ حيث وصل فى عام 2022إلى 7600 تيراوات فى الساعة.
واتجهت الصين إلى توليد الكهرباء النظيفة من الطاقة النووية للمساهمة في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة نتيجة لسعي بكين إلى تحقيق الهدف العالمي للحياد الكربوني بحلول عام 2060.
وصرحت الطاقة النووية الصينية في سبتمبر 2023 باستعداد الصين لبناء بين 6-8 مفاعلات جديدة سنويًّا في المستقبل؛ إذ من المتوقع أن يتم توليد 10% من الكهرباء من الطاقة النووية في الصين بحلول عام 2025 وأن تصل إلى نسبة 28% بحلول عام 2060. وفي ديسمبر من عام 2023 أعلنت الصين عن بدء عملياتها في تشغيل أول مفاعل نووي من الجيل الرابع الذي سوف يستخدم لتزويد الشبكة الإقليمية بالطاقة.
وكانت الصين قد وضعت هدفًا بالوصول إلى 85 جيجاوات من سعة الطاقة النووية بحلول عام 2020 ولكنها وصلت فقط إلى إجمالي 57 جيجاوات حتى عام 2023،بالإضافة إلى وجود 24 مفاعلًا نوويًّا تحت الإنشاء بسعة تصل نحو 27.8 جيجاوات.
وقامت الصين بإبرام اتفاقية طويلة الأمد مع كازاخستان والتي تعتبر أكبر منتج لليورانيوم في العالم من أجل توريد المعدن المشع للصين في نوفمبر من عام 2023. وتدخل الصين في تنافس مع دول مثل الولايات المتحدة وتركيا ودول أوروبا الغربية على كسب النفوذ في آسيا الوسطى التي تتمتع بموارد غنية حيث تنتج 40% من اليورانيوم في العالم، بالإضافة إلى امتلاكها لمعادن استراتيجية أخرى.
وحذر الخبراء من أن الصين تعمل على الاستحواذ على إمدادات اليورانيوم العالمية وهذا يمكن ان يشكل تهديدًا على سوق الطاقة في ظل سعي الدول لتأمين الوقود النووي.
ووفقًا لصحيفة فاينانشال تايمز فإن اليورانيوم كان ضمن أكثر السلع أداء في عام 2023 وزاد تداوله بنسبة 70% وهو أعلى رقم حققه منذ عام 2007. وتتمثل خطط الصين للاستحواذ على وقود الطاقة النووية لكونها وضعت هدفًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود النووي، وذلك عن طريق إنتاج ثلث ما تحتاجه من اليورانيوم محليًّا، أما الثلث الآخر فيتم الحصول عليه من خلال الاستثمارات الأجنبية. ويعتبر حرص الصين على تأمين الإمدادات من اليورانيوم يزيد صعوبة على الغرب الذي يعتمد على روسيا كونها تسيطر على أكثر من 50% من القدرة العالمية على تخصيب اليورانيوم.