You are using an outdated browser. For a faster, safer browsing experience, upgrade for free today.

الأخبـــــــار

الرئيسية  ← الأخبـــــــار  ← تراجم  ← الصراع بين واشنطن وبكين على سوق الطاقة اللاتيني

الصراع بين واشنطن وبكين على سوق الطاقة اللاتيني

الخميس ٢١ ديسمبر ٢٠٢٣

توسعت الصين- خلال السنوات الأخيرة – في سوق الطاقة بأمريكا اللاتينية مع توسعها المماثل في التعدين وكافة الصناعات المرتبطة بالطاقة بالمنطقة، وفي الوقت نفسه، وخلال العام الماضي، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتطلع إلى المنطقة اللاتينية أيضًا؛ لإقامة علاقات إقليمية في مجال الطاقة وسلاسل التوريد؛ للحد من اعتمادها على آسيا بشكل عام، والصين بشكل خاص.

لكن أي من هذين الغريمين المتنافسين سيكون أكثر جاذبية للدول اللاتينية؟ ومن سيفوز في هذا الصراع؟

قال موقع Oil Priceإن الصين عملت خلال العشرين عامًا الأخيرة على تعميق علاقاتها الاقتصادية والأمنية تدريجيًّا مع عدد من دول أمريكا اللاتينية، على رأسها البرازيل وفنزويلا، بواقع الخلفية اليسارية للدول الثلاث، وتسعى بكين اليوم أن تستثمر بشكل أكبر في المنطقة؛ لتتفوق على الولايات المتحدة، والتي تعد أكبر شريك تجاري للقارة.

ولكن الصين في نفس الوقت تتمتع بتواجد دبلوماسي وثقافي وعسكري قوي في جميع أنحاء المنطقة؛ ما يثير مخاوف البيت الأبيض بشأن كفاءة المنافسة التي قد تؤدي إلى هيمنة بكين على سوق الطاقة في أمريكا اللاتينية.

كما أن التجارة البينية في الوقت الحالي تؤدي إلى بناء أساس قوي للعلاقات الثنائية بين الصين ودول أمريكا اللاتينية؛ إذ تستورد الصين من القارة الجنوبية العديد من المنتجات، مثل فول الصويا والنحاس والنفط والعديد من المواد الخام ذات القيمة المضافة.

وساعد على تطوير تلك التجارة الاتفاقيات التي أبرمتها الصين مع تشيلي وكوستاريكا والإكوادور وبيرو وواحد وعشرين دولة لاتينية أخرى، كجزء من مبادرة الحزام والطريق؛ ما جعلها شريكًا تجاريًّا جذابًا وأكثر فعالية من أمريكا.

كما ضخت الصين كميات ضخمة من الأموال في المنطقة على شكل مشروعات وقروض، مثل تلك الممنوحة لفنزويلا، في سبيل تعزيز التعاون بين بلدان الجنوب.

وبحسب الموقع العالمي، فقد بلغ إجمالي ما استثمرته الصين من 2018 إلى 2020، حوالي 73 مليار دولار في قطاعات المواد الخام في أمريكا اللاتينية، وتطوير المصافي ومصانع المعالجة في مناطق استخراج الفحم والنحاس والغاز الطبيعي والنفط واليورانيوم الوفيرة.

ونمت استثمارات بكين مع دول الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، والتي تشتهر بالليثيوم، وهو العنصر الرئيسي لصناعة بطاريات الليثيوم أيون الكهربائية، حتى تمكنت الصين من السيطرة على نحو 70% من إنتاج الليثيوم في العالم تقريبًا.

وتعمل العديد من الشركات الصينية المملوكة للدولة في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية، ففي 2022 أصبح لشركة PowerChina وحدها 50 مشروعًا في المنطقة،ولم يقف الأمر عند شركات الطاقة فحسب، بل قام بنك التنمية الصيني بتمويل عدة مشروعات في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وقبل ذلك في 2019، قدم البنك ذاته 85% من إجمالي 400 مليون دولار المطلوبة لتطويرأكبر حقل للطاقة الشمسية في الأرجنتين.

أمريكا لن تصمت

ولم تصمت أمريكا على ما يجري في فنائها الخلفي، فمن جانب تعاني أمريكا من محاولات من موردي النفط العرب الذين يسعون إلى تنويع تحالفاتهم العالمية والتحكم في إنتاجهم البترولي، ومن الجانب الآخر تحاول السيطرة على النفوذ الصيني.

ومن هذا المنطلق بدأت إدارة بايدن في الاتجاه جنوبًا من أجل تنويع مصادر الطاقة لديها من جانب، وحماية حدودها من التوغل الصيني، وسعت واشنطن لإقامة علاقات طاقة إقليمية وسلاسل إمداد”أمريكية لاتينية” تبدو كغريم لمبادرة الحزام والطريق التي بدأتها الصين.

وقال البيت الأبيض -خلال القمة الافتتاحية لقادة شراكة الأمريكتين من أجل الازدهار الاقتصادي- إن هدفه الحد من الاعتماد على المنتجات صينية الصنع، وخاصة تلك التي تدعم التحول الأخضر، وذلك من خلال عدة سياسات وقوانين أبرزها قانون خفض التضخم “إيرا”، وقانون الرقائق والعلوم، وقانون البنية التحتية.

وتعهد بايدن- وقادة من كندا وبربادوس وتشيلي وكولومبيا وكوستاريكا وجمهورية الدومينيكان والإكوادور وبيرو وأوروجواي والمكسيك- في نوفمبر المنصرم بتعزيز سلاسل التوريد في نصف الكرة الغربي لمواجهة نفوذ الصين العالمي.

واتفقت القوى المشاركة في القمة على تعزيز سلاسل التوريد في مجال الطاقة النظيفة والإمدادات الطبية وأشباه الموصِّلات، بالإضافة إلى توسعة الروابط التجارية.

ورفع بايدن شعار “نصف الكرة الغربي هو المنطقة الأكثرمنافسة في الاقتصاد العالمي”،مؤكدًا أن واشنطن تريد أن تكون على ثقة من أن أقرب جيرانها يعرفون أن لديهم خيارًا حقيقيًّا بين دبلوماسية الديون، في إشارة إلى الصين والقروض التي تقدمها، ووسائل التنمية النزيهة.

وأخيرًا فإن الصراع الأمريكي الصيني على الثروات اللاتينية هو حلقة من حلقات صراع القطبين على الهيمنة العالمية، ولن ينتهى سريعًا؛ فلدى الصين بالفعل العديد من الحلفاء الاستراتيجيين مثل فنزويلا والعديد من المشروعات الكبرى في القارة، والتي ستساعدها على الوقوف بوجه البيت الأبيض، وعلى الجانب الآخر، لا تزال أمريكا هي أكبر شريك تجاري للقارة، كما تبذل إدارة بايدن جهودًا متضافرة لتعميق العلاقات مع العديد من البلدان اللاتينية من تطوير سلاسل التوريد الإقليمية، والتي من المرجح أن تصبح أقوى وأكثر تكلفة في العقود المقبلة، في ظل التحول نحو الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر.