الرئيسية ← الأخبـــــــار ← طاقة متجددة ← تقنية أمريكية جديدة لإنتاج الهيدروجين من اليوريا
يزداد اهتمام العلماء والباحثين بعملية إنتاج الهيدروجين كوقود مستقبلي منخفض الكربون، في إطار الجهود المستمرة التي تهدف إليها حكومات الدول؛ لتعجيل وتيرة التحول الأخضر وتعزيز أمن الطاقة.
وتتوفر مصادر لإنتاج هذا الوقود الاستراتيجي الذي يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء وتخزينها، وتشغيل قطاعات مثل النقل الثقيل وصناعة الصلب، وفقًا للمعلومات المتاحة على منصة الطاقة المتخصصة.
وفي إطار هذه الجهود، قام باحثون في معهد وورسستر للفنون التطبيقية الأمريكي (Worcester Polytechnic Institute) بتطوير مادة قادرة على إزالة اليوريا من الماء، وربما تحويلها إلى غاز الهيدروجين.
ويُعتبر معهد وورسستر جامعة بحثية خاصة، تركز بشكل أساسي على التعليم والبحث في مجالات الفنون التقنية والعلوم التطبيقية.
النيكل والكوبالت:
من خلال بناء مادة تتألف من ذرات النيكل والكوبالت، والتي تم تصميم هياكل إلكترونية لها بدقة فائقة، نجح الباحثون في تمكين تلك الأكاسيد والهيدروكسيدات المعدنية الانتقالية من أكسدة اليوريا في تفاعل كيميائي كهربائي معين، وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة رسائل الكيمياء الفيزيائية في 15 يناير/كانون الثاني (2024).
وتُعتبر اليوريا سمادًا زراعيًّا نيتروجينيًّا منخفض الكربون، وهي منتج طبيعي ينشأ من عملية التمثيل الغذائي للإنسان، بالإضافة إلى ذلك، تُوجد هذه المادة في بول جميع الثدييات، بالإضافة إلى وجودها في الدم والحليب والعرق.
وفي عام 2021، بلغ إنتاج اليوريا في جميع أنحاء العالم حوالي 180 مليون طن متري، ومع ذلك، تسببت مياه الصرف الزراعي المشبعة باليوريا – بالإضافة إلى مياه الصرف الصحي – في ظاهرة عرفت باسم “التخثث”، يتمثل هذا التخثث في زيادة نمو الطحالب الضارة، وتكون مناطق خاملة خالية من الأكسجين في البيئة المائية؛ مما يؤثر سلبًا على البيئة وصحة الإنسان.
بيئة لتخزين الهيدروجين:
تتمتع اليوريا بخصائص فريدة تجعلها مرشحة لتخزين الهيدروجين؛ مما يمكِّن من عملية إنتاجه وفقًا للحاجة.
على سبيل المثال، فإن اليوريا ليست سامة، وتتميز بدرجة ذوبان عالية في المياه، بالإضافة إلى احتوائها على نسبة مرتفعة من الهيدروجين (6.7% بالوزن).
وبالتالي، يبرز التحليل الكهربائي لليوريا لإنتاج الهيدروجين بكفاءة أكبر في استهلاك الكهرباء مقارنة بتحليل المياه.
ومع ذلك، يظل الجانب السلبي لتحليل اليوريا يتمثل في عدم وجود محفزات كهربائية منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة لأكسدة اليوريا بدلاً من المياه.
ومع ذلك، من خلال تطوير محفزات كهربائية تتألف من ذرات النيكل والكوبالت، والتي تتفاعل بشكل متجانس مع هياكل إلكترونية فريدة، تمكن فريق البحث في معهد وورسستر للفنون التطبيقية من العثور على حل لهذا التحدي.
آلية التقنية:
نجح فريق بحثي في معهد وورسستر للفنون التطبيقية في إيجاد حل لتحدي إنتاج الهيدروجين من اليوريا، من خلال تصميم محفزات كهربائية مبتكرة تتألف من ذرات النيكل والكوبالت، والتي تتفاعل بشكل متجانس مع هياكل إلكترونية فريدة.
وركّز الباحثون على دراسة أكاسيد وهيدروكسيدات النيكل والكوبالت المتجانسة؛ حيث اكتشفوا أن تصميم الهياكل الإلكترونية الفريدة للأنواع السائدة من أيون النيكل (Ni2+) وأيون الكوبالت (Co3+) يلعب دورًا رئيسيًّا في تعزيز النشاط الكهروكيميائي لأكسدة اليوريا.
وفي تصريح له، قال كبير الباحثين في معهد وورسستر، شياووي تنغ: “إن هذا التكوين الإلكتروني يعتبر عاملاً أساسيًّا لتعزيز انتقائية أكسدة اليوريا؛ فقد لاحظنا أن التكافؤ العالي للنيكل، مثل Ni3+، يُسهم فعليًّا في تحفيز تفاعل سريع مع توليد تيار كهربائي قوي”.
وأضاف تنغ: “على الرغم من ذلك، فإن جزءًا كبيرًا من التيار الكهربائي كان ناتجًا عن أكسدة الماء، وهو ما لم نكن نرغب فيه”.
وبهدف فهم هذا التأثير بشكل أفضل قامت المجموعة – التي يقودها تنغ بالتعاون مع الباحث المسئول عن عمليات المحاكاة الحسابية في الدراسة، آرون ديسكينز – بالبحث ووجدت أن الخلط المتجانس لأكاسيد وهيدروكسيدات النيكل والكوبالت ساعد في إعادة توزيع الإلكترونات من نوع Ni2+ إلى Co3+، وتحويل إلكترونات التكافؤ إلى طاقة أعلى؛ وبالتالي، تم إعداد محفزات النيكل والكوبالت بشكل أفضل للمشاركة في التفاعل مع جزيئات اليوريا والماء.
ويعتقد تنغ وديسكينز وزملاؤهما أن النتائج التي توصلوا إليها قد تفتح الباب أمام استخدام اليوريا في مجاري النفايات لإنتاج الهيدروجين بكفاءة من خلال عملية التحليل الكهربائي، كما يمكن استخدام هذه التقنية لفصل اليوريا عن الماء؛ مما يساهم في الحفاظ على استدامة النظم البيئية على المدى الطويل، وقد يفتح ذلك الباب أمام ثورة في العلاقة بين الماء والطاقة.
تجدر الإشارة إلى أن اليوريا كانت تُنتج تجاريًّا في وقت مبكر من العشرينات في القرن الماضي، ويمكن استخلاصها من مصادر طبيعية، ويُفرز الإنسان البالغ حوالي 1.5 لتر من البول يوميًّا؛ مما يعادل حوالي 11 كيلوجرامًا من اليوريا و0.77 كيلوجرامًا من غاز الهيدروجين سنويًّا.
وتجدر الإشارة إلى أن اليوريا لها استخدامات متعددة كسماد ومكمل غذائي، بالإضافة إلى أنها تُستخدم كمادة أساسية في صناعة البلاستيك والأدوية والراتنجات.