الرئيسية ← الأخبـــــــار ← أمن الطاقة ← “فنزويلا” تسعى لتحصيل ديون قديمة وُزعت وفقًا لبرنامج “بتروكاريب”
بعد مرور عقدين من الزمن، تسعى فنزويلا إلى تحصيل الديون القديمة التي وُزعت وفقًا لبرنامج “بتروكاريب”؛ حيث تلقت الدولة الفقيرة دفعة مالية قدرها 500 مليون دولار من هاييتي؛ لإلغاء دين قيمته 2.3 مليار دولار. يُذكر أن هذه الصفقة قد تمت بعد حصول هاييتي على ترخيص من وزارة الخزانة الأمريكية لتحويل الأموال عبر النظام المصرفي الدولي، وبالنسبة لهاييتي، فإن سداد الديون يساعدها في التقدم مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة قروض محتملة.
ممثلو فنزويلا وهاييتي والوكالات المشاركة في الصفقة لم يردوا على طلبات التعليق، بينما أكد متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية عدم تعليق مكتب مراقبة الأصول الأجنبية على التراخيص الفردية.
وبالنسبة لفنزويلا وقيادتها الحالية بقيادة نيكولاس مادورو، يعتبر هذا الاتفاق خطوة إضافية في جهودها لاستعادة الاعتراف الدولي بعد سنوات من الانهيار الاقتصادي والعزلة الدولية، ويُشار إلى أن الحكومة الفنزويلية وشركة النفط المملوكة للدولة تخلفتا لسنوات عن سداد سندات دولية، مع تراكم ديون بمليارات الدولارات للصين نتيجة لقروض ثنائية.
وأثناء فترة الازدهار التي شهدت ارتفاع أسعار النفط العالمية، كان برنامج “بتروكاريب” جزءًا من السخاء الذي استخدمه الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز لجذب دعم عالمي. وخلال هذه الفترة، قام تشافيز بتوزيع زيت التدفئة على السكان الفقراء في برونكس بنيويورك، ودعم الأرجنتين المتعثرة ماليًّا، ووفّر تمويلًا للمناجم ومصافي التكرير في النيجر وموريتانيا.
وفي قمة عُقدت في عام 2005 لإطلاق اتفاقية “بتروكاريب” بحضور الرئيس الكوبي فيديل كاسترو ورؤساء دول آخرين، أعلن تشافيز: “نريد أن نشكل قوسًا للتعاون في مجال الطاقة بالمنطقة”.
ووفقًا للاتفاقية، باعت فنزويلا النفط إلى 18 دولة بأسعار تمويل مدتها تصل إلى 25 عامًا وبفوائد متدنية تتراوح بين 1% إلى 2%، وتمكنت هذه الدول من دفع جزء من الفاتورة بسلع مثل الأرز من غيانا، والماشية من نيكاراجوا، ومواد الأسمنت من جامايكا، وكانت كوبا توفّر الأطباء وتصدير الفول السوداني والبقوليات.
وبحسب ديفيد جولدوين- رئيس مجموعة الاستشارات للطاقة بالمجلس الأطلسي- فإن فنزويلا قدمت دعمًا سياسيًّا لهذه الدول، والذي كان في بعض الأحيان كافيًا لعرقلة المقترحات ضد الحكومة في منظمة الدول الأمريكية، وأشار إلى أنها قدمت لهذه الدول ما لم تقدمه الدول الغربية في ذلك الوقت الذي كانت فيه في حاجة للتمويل.
كل هذه المساعدات، رغم نواياها الطيبة، ساهمت في تصاعد الانهيار الاقتصادي التاريخي في أمريكا اللاتينية؛ حيث سادت حالة من التضخم المفرط وشهدت البلاد أسوأ أزمة إنسانية في تاريخ أمريكا اللاتينية.
وحتى عندما انخفضت أسعار النفط عالميًّا استمر نيكولاس مادورو، الرئيس الفنزويلي السابق، في شحن النفط إلى منطقة البحر الكاريبي بشروط سخية؛ حيث كانت التكلفة بالنسبة لفنزويلا باهظة الثمن، فعندما انخفضت أسعار النفط في عام 2014 لم تكن للبلاد أي وسيلة لمواجهة هذا الانخفاض.
وعندما توقف برنامج “بتروكاريب” فجأة بسبب فرض الولايات المتحدة عقوبات على صناعة النفط الفنزويلية في عام 2019، تراكمت المستحقات بمبلغ يقدر بحوالي 6 مليارات دولار من “بتروكاريب” والاتفاقيات الثنائية الأخرى للديون، ووفقًا لتقديرات “إي إم إف آي سيكيوريتيز” (EMFI Securities)، تبقى حسابات كوبا، التي لديها اتفاق منفصل لتوريد النفط، دون الإعلان عن شروطها.
وتسعى فنزويلا الآن لتحصيل الديون التي تراكمت عبر برنامج “بتروكاريب”؛ حيث تلقت دفعة من هاييتي لإلغاء ديونها، وعلى الرغم من تقليل الولايات المتحدة للعقوبات تظل العلاقات متوترة مع واشنطن بسبب التزام مادورو بالإصلاحات السياسية، وفنزويلا الآن تبادل النفط بسلع مع دول البحر الكاريبي، لكنها تواجه تحديات في زيادة إنتاجها.